الجمعة، 30 مارس 2012

زمن الخيول البيضاء


السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف أنتم ؟ وكيف حالكُم مع الله ؟ اتمنى ان يكون في حالٍ يرضاه سبحانه


~



وبعد عودةٍ مُنتظرة لأخِي من عمله , أنتظِر كنزِي الثمينْ , كُنتُ قد طلبتُ كُتباً لكاتبين محددّين , لكن جاءت الكُتبُ حتماً بعيداً عمّا اشتهيتْ
كانت كُتباً رآها أخي الأحقّ بالقراءة , فهي لكاتبٍ فلسطينيْ , تغرقُ في الرائحة الفلسطينيّة , ويجب علينا حتماً أن نستحِي و نُبادر لفراءتها
( الملهاة الفلسطينية ) , هي سلسلة الروايات التي جُلِبت إليّ , و أول ما وضعتُ يدي عليه من باب الاستطلاع كان عنواناً شّدني حقاً . .
زمن الخيول البيضاء ! 







كانت بدايةً لطيفة حقّاً لرواية , أن تكون بالعربيّة الفصحى , ومن ثمّ في موقفٍ تعيشه ترى أن بعض الجُمل قد كُتبت باللهجة الفلسطينية !
يااه , كم أضحكني و شدّني جداً لأتمّه , بدايته كانت عن عائلة فلسطينية عاديّة تعيش في إحدى القُرى , لم أكُن أتصّور يوماً أن الفلسطينينْ
كانت لديهم الخلفية العربية " البحتة " , في الاعتزاز بالأحصنة والخيُول إلى الحدّ الذي تُسفك لهُ الدّماء من أجل فرسٍ سبيّة , أو انه كان لديهم
الاهتمام المبالغ فيه بالحرص على شهاداتٍ ميلادٍ تثبت اصالة الفرس و نقاء سلالته ! يا ا هـ ؟! معقول ؟! , وصلتُ بعدها الى منحنى توقعت
ان الرواية حتماً تدور حول موضوع الخيول بالاضافة الى النكهة المميّزة لعائلة الحاج محمُود و افراد عائلته والمشيخة و حديث النساء و فترة الشباب
التي يعيشُها ابنه "خالد" , وتصوير وجدته مبهراً ل " المرجلة " و الاعتزاز بالضّيف و توقيره , الشهامة والنخوة .. لم أتوقع يوماً وجودهابهذا الشكل.
,
بدأت الأحداث تأخذ منحىً آخر , والتوسّع في زمن ( الجزء الأوّل ) منن الرواية , وهو الزمن الذي كان الحكم والسيادة فيه تحت أيدِي العثمانينْ
أو ( الأتراك ) , وكان وجود " دير عبادة " في القرية من أكثر الأشياء التي جذبتني , إذ أنّ العلاقة بين المسلمين والمسيحينْ كانت جيّدة
تتبلور في أن الدير يُسمح له بالوجود في القرية , على ان ييتعلم الأطفال فيه القراءة والكتابة ! لكنّ الأب كان يغيظني حقاً في أساليبه الخبيثة
في زرع الأفكار التنصيرية في ذهن الأطفال . هذا في الظّاهر , أما في الباطن الذي لا يعمله الا الله فهي الضرائب التي كان الأب من سكّان القرية
ليسلمها الى الحكومة , على أساس كان السّكان " البسطاء " يثقون جداً به , ويرون فيه شخصاً يستحق الثقة , لكنّ مافي الخفاء كان أعظم !
,
كانت دوريات الأتراك أو " الدّرك " تأتي في دوريات إلى القرية لتنهب وتسرق و تفعل ما يحلُو لها , في يومٍ من الأيّام أعجب " ياور " رئيس
الدّرك ب " الحمامة " فرس خالد ابن الحاج محمود ! والتي له معها قصّة عشق وهيام , فاستولى عليها تحت هدوء خالد والذي ينطوي
تحته غضب و حقد .. كتمه فقط ! ليحمي أهل القرية وما لبث أن استعاد فرسه بعدما قتل الدرك أجمع في رحلةٍ بطولية غدا بعدها البطل خالد !
,
انتقلت الرواية الى زمنٍ آخَر , وهو زمن حكم الانجليز ! الى هنا بدأت ان الرواية التي تصل الى خمسمئة صفحة تحكِي شيئاً أكبر وأعمق
من حبّ الخيول و قصص سبي الخيول والحرب التي قد تقوم لو اعتدِي على فرس باعتبارها حرّة اصيلة كما الفتاة العربية !
الأمر أعمق بكثير من اللحظة , أدركت ذلك من القهر الذي استوطنني وأنا أشعرُ أنني أعيشُ الأحداث لا أقرأها , أن أستيقظ يوماً على
بيوتٍ وقد وُضِعت على أرضِي وحولها أسلاك شائكة مع قانون يمنع الاقتراب منها على بعد خمسين متراً .. ولِمن !! لليهود !!
أن أستيقظ على مستعمَرة ؟! باعتبار أنّ أرض القرية ماهي الى ممتلك ل " الدير " , والذي كان لا يعترف ب كواشين ( صك حق الملكية )
أهل البلد , ! يال الذّل , يال الاهانة ! لكن لا بأس .. فالبلدة لازلت ملك لأصحابها " فعلياً " لا على الأوراق , و لازالت الاراضِي تُزرع
وتُحصد و الماشية تُربّى و الضرائب تُدفع , و كان لهم مع الحزن موعد !
,
قام الثّوار , على الحكم البريطاني الظالم .. وعلى رأسهم " عزّ الدين القسام " , وأخذت الرواية منحىً جديد ايضاً باعتبار خالد ابن الحاج
محمود قد استلم المشيخة من والده ومن بعدها اصبح ثورياً كبيراً تحته المجاهدين من كلّ مكان , :") , وبعد رحلةٍ طويلة في التنقّل
كان الشيخ الثوري الكبير خالد ابن الحاج محمود قد نال شهادته بعد ان دوّخ " ادوارد بترسون " اكبرو أقسى وأشنع قائد بريطاني آنذاك !
حتى ان ادوارد باترسون نفسه كان قدّ شعر بالخواء بعد استشهاد خالد الشجاع , لكنّه مات ايضاُ على يد الشاب خالد والذي أسمته
أمّه تيمناً بالشيخ البطل .. , لكنّ بطولة الشيخ خالد و المجاهدين للأسف لم تكُن اقوى من الاستعمار البريطاني الذي بدأ يضعُف مسلماً
القيادة الى الاسرائيلين والذين بدأوا فعلياً احراق الأراضي على أهلها ونسف البيوت و طرد اهلها منها و تهديدهم ان العودة لا يعني شيئاً
سوى الموتْ !




قال الشيخ خالد أشياء كثيرة أثرّت فيّ , لكن أعظم ما أثرّ في كان قوله لصهره .. في خضّم حربٍ كان يقودها !

,


أ
لملمت العوائل المُغتصبة شتاتها و هاجرتْ ! بعضهم الى دولٍ قريبة , وبعضهم الى مناطق أخرى لم يصلها العدوان الغاشم
لكنّ الجميع بلا استثناء ترك روحه هناك , لم يستطع انتشال الا الاسى والحُزنْ ..







ببساطة , الرواية كانت أعمق من كونها مجرّد أحداث عابرة , كانت باختصار تحكِي النكبة , كيف بدأت وكيف انتهت ! الايدي
الخفيّة و الخبيثة , والسموم التي كانت تُنفث من قِبل خونة العروبة والاسلام , بجانب خونة الأرض و الأخوّة .. ومع ذلك
لازال كلّ ممن هاجر عن بيته وأرضه .. يحملُ مفتاحاً يفتقد بابه .. وينادي بحقّ العودة !





,
رواية اختزلت تاريخاً عميقاً لطالما وددتُ ان اغوص في اعماقه , لكنني وفي كٍل مرّة أقرأ سيراً كهذه ينتهِي بي الأمر محطّمة
الفؤاد دامعة العينينْ , كسيرة النفس , متذوقة للظلم بعينه , وأسأل نفسي .. كم شهيداً راح ضحيّة آنذاك ؟ .. يارب ..
أريد أن أراهم في الجنّة جميعاً , أريدُ أن يقصُّوا لي يوماً ما عانوه , وأن نرى جميعاً بأم العين الظلمة وهم في قعر جهنّم .. هم
بجانب خونة العروبة والاسلام والأرض , حينها ياربْ .. نوقن أننا كما رأينا الظّلم بأم عينه , سنرى العدل .. لأنك العدلْ
-*
كونوا معِي في " أعراس آمنة " لأنها كانت اعظم من " زمن الخيول البيضاء " في زرع الأسى والقهر في نفسِي , وكالعادة
لا غير دموع الحزن و القهر ابلغ في وصف المأساه .. :")

لا تنسوا ذكر الله والصّلاة على الحبيبْ
رعاكم الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق