نفسٌ عدٌوة .. هل استمعتَ حديثها ؟

جاء أن نفساً عدّوةً أسّرت لصاحبِها :

خبّئ نفسك فِي بَوتقَة, احمها من أمورٍ محدقة . لا تبتدع , لا تُنمِ فكر . فالأفكارُ بحارُ مُغرقة .

حاصِر حُدودَك لا تتعدّها , فلن تر خلفها إلا حبالَ المشنقة . الصّمت أولى للسّلامة , إن كان عندك ما تقول من الحقوق فلا تنطقه.  إياك أن تسأل الغادي إلى أين مغداهُ ولا تسأله في مرواحه ما إذا كانت رحلتَه موفقّة .  لا ترفع رأسك بالعلوم ولكِن أطرقه ولا تصّدق أنه قد يُدّك فما للجهل مطرقة  .  فمصاحبُ العلم لم ينل غير رأس مُصّدّعةٍ و روح مُرهقة . بت مُرتاحاً تحت ظّل الليلِ و حذارِ أن تصطل تحت شمسٍ مُشرقة ! .  ثمّ إياك أن تنظُر النجم أو تغر من سمائه , فما أنت إلا بذرةُ في أرضِ جدبٍ لا تُستقى .

لا تستمِع لعجائِب الأعلامِ في دُنياك , ولا تجتمع بالناس خاضُوا تجاربُاً فماهي إلا أكاذيبُ ملفقة لا تمِل رأسك لرأسٍ دعواهُ أنهُ ناصح , فما عاد في الدُّنيا قلوبُ مشفقة .   لا تصّدق حكم الفلاسف يا أخِي فما ستفيدك لو أمست لديك مُصّدقة . لا تظننّ أن حكايا العِظام حقيقةً , فما هي إلا خيالاتٌ مُنمّقة .

كيفما سِرت فِي دُنياك لا تمُدّن عينك للرقي , ازهد وارتدِي لو حتّى ثياباً مشققة . ّ

لا تمشِ حذو الراكبِين الى العٌلا , فالمعالي اليوم بالثلاث مُطلّقة . أغلق عليكَ ولا تعرف حواليكَ فالشّر منهم دائماً والشّر متقى ! . لا تستمع الوُعاظّ ولا تتبع سبلاً أسموها التدّين والتقى  . لا تصّدق أن بلادة الأرواح تجلبك العذاب  ’ سبل الراحة تكمن في تقوقعك السّكون تحت أسدال الظّلام وأستارك مغلقة "

أرخى المسكين لنفسه البليدة سمعَه , وأرعى لها باله ومد لها يدهُ مبايعاً إياها على السمع والطّاعة .  ثمّ جاء أنّه كتب في آخِر حياتِه ملحوظةً : " إن استمعت لنفسك ما تقُول , اعلم انك استمعت لحكايا عبدٍ مات ولم يجد من يُعتقه .  ستموت في آخر المطاف و تتعفّن لكنّك من البداية لم تكُن إلا بقايا عفنٍ على جُدُرِ الدّنيا معلقة

تمت*